نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تحيا مصر في جولة بأذربيجان.. معالم سياحية ساحرة تعانق حضارات متنوعة, اليوم الأحد 17 نوفمبر 2024 08:37 مساءً
مع وصول مؤتمر المناخ في أذربيجان إلى منتصف الطريق بعد اكتمال أسبوعه الأول، حرص المشاركون على الاستمتاع بجولات سياحية يوم الراحة الأحد، في محاولة لالتقاط الأنفاس من ضوضاء أكثر من ستين ألف مشارك يحتضنهم أستاد باكو الأولمبي يوميا. ويستطيع الزائر أن يلمس في جولاته معالم لتاريخ طويل مِن حضارات متنوعة شهدتها مدينة باكو الأذربيجانية، وفي القلب منها الحضارة الإسلامية التي اختلطت بالأعراق والأجناس، ووظفت الموارد الطبيعية السخية وحولت هذا المزيج إلى اقتصاد قوي ومتنوع، مما سمح لأهل تلك المناطق بإنشاء قلاع عتيدة وأسواق لبيع منتجاتهم وتشييد قصور باقية بِاسِمهم وخلدت معمارهم ونقوشهم؛ كما استطاعوا نشر الإسلام في كافة الأرجاء حيث يدين أكثر من 90% من السكان بالإسلام، رغم الاحتلال السوفياتي الذي امتد ما يقارب التسعين عاما.
كانت بداية الجولة في جبل النار أو "ينارداج" الذي يقع بإحدى قرى شبه جزيرة أبشوران المطلة على بحر قزوين، على بعد حوالي 20 كيلو شمال العاصمة باكو. وينسج الخيال الكثير من الأساطير المليئة بالمغامرة والتشويق حول القمة الجبلية المشتعلة منذ ألفي عام قبل الميلاد. وتنتشر في هذا الجبل رواسب من الغاز الطبيعي والنفط مما يجعل لهيبها مستمر في الاحتراق.
ويستمتع الزائر بمشاهدة مناظر المراعي الخضراء ومباني العاصمة باكو الشاهقة والمطلة على الشواطئ. ويلقي البعض عملات تذكارية على مكان اشتعال النار مع الأمنيات المختارة.
ومن الصدف الجميلة خلال الجولة الالتقاء بشابة أذرية تدعى نجمة أو"Ulduz" موظفة بهيئة السياحة الحكومية والتي كانت شديدة الترحاب بـ "تحيا مصر" حيث اتضح أنها متزوجة من شاب مصري يدعى حسين وأخذت تتبادل الحديث باستخدام بعض المفردات المصرية وعمت أجواء طريفة أضفت على المكان حيوية.
وكانت المحطة الثانية المدينة القديمة أو"أتشيري شيهر" وهي أحد أجمل المزارات السياحية في العاصمة الأذربيجانية باكو، وقد وضعتها منظمة اليونسكو في لائحتها للمدن الأثرية لما تحتويه المدينة الحجرية القديمة من آثار. وهي منطقة ممتدة أكثر من ثلاثة كيلومترات بطول شارع "نظامي" نسبة للشاعر نظامي جانجافي، والمنطقة مغلقة أمام مرور السيارات وتعد ممشى مكتظ بالزائرين الذين يتجولون للتسوق وشراء التحف والتذكارات من المحلات المنتشرة، ومشاهدة المتاحف التي تحتفظ بملابس من النسيج القديم وأدوات مِن العصور التاريخية المختلفة.
ويستقبل الزائرين في بداية الجولة "برج العذراء" بعمارته العربية وشكله الاسطواني المميز، وبداخله بقايا لنقوش وخطوط عربية؛ كما يحتفظ داخل أحجاره بالكثير من الأسرار حول استخدامه للحماية من غزوات خارجية خلال فترات تاريخية بعيدة. وبالقرب منه، هناك حفريات كشفت عن آثار مسجد من القرن التاسع. وبمحاذاته تقبع آثار لحمام تركي متعدد الغرف، من غرفة للبخار وأخرى للاغتسال وثالثة للتدليك. وعندما يصل هواة المشي إلى ساحة النافورة أو النوافير، الممتدة مِن شارع نظامي إلى الأسوار الشرقية لإشتيري شيهر، يجدون على جانبيها المقاهي والمطاعم ذات الشرفات الخارجية المُطلة على النوافير.
ولا يمكن للزائر بعد جولة على الأقدام في أرجاء المدينة إلا أن يجلس للاستجمام في مطعم مميز بعمارته الإسلامية حيث السقف نصف دائري والأعمدة حجرية ويتناول الكباب والمشويات اللذيذة من لحم الخروف الذي تشتهر به أذربيجان حيث المرعى الجبلي يعتمد أساسا على الأعشاب الخضراء. وبعد ذلك يأتي دور المقهى لشرب الشاي الأذربيجاني وعصير الرمان مع ما لذ وطاب من الحلويات الشعبية كالبقلاوة، والجوتاب المحشو بالمكسرات، والملبن بألوانه الجذابة وأنواعه الشهية. ولا يمكن للجلسة في المقاهي أن تخلو من براد كبير من الفخار الملون مليء بالشاي تحيطه المكسرات والفواكه المجففة المحبوبة بشدة في أرجاء أذربيجان.
بعد الاستراحة القصيرة يأتي دور قصر "شروان شاه" الذي يعود تاريخه لأكثر من 800 عام وهو مسجل كذلك لدى اليونسكو. ويضم مجمع المباني الرئيسي قبو وضريح الدراويش ومسجد وحمام وغير ذلك من المرافق.
وقد استخدمت نفس الحجارة في بناء القصر والمسجد والضريح مع النقوش المميزة كتعبير عن الاهتمام. وتقول "جولار" الصديقة الشابة الأذرية التي رافقت "تحيا مصر" في الجولة أن هذا القصر بناه الشيروانيون وهم ملوك من أصل عربي فتحوا البلاد وحكموها لفترات طويلة امتدت من 861-1538 م. وتوجد حول القصر العديد من الفنادق الفخمة والغالية التي تحافظ على شكل معماري قديم يستهوي السياح الذين يبحثون عن الأجواء التراثية المميزة. وعرفنا من جولار أن السياحة مزدهرة في بلدها حيث تستقطب حوالي مليوني سائح، غالبيتهم من الدول الخليجية ودول الجوار مثل روسيا وجورجيا وتركيا وإيران.
ويعد جامع تيزبير (Teze Pir) محطة للسائح العربي والمسلم بشكل خاص. ويعود تاريخ إنشائه وسط باكو لمطلع القرن الماضي؛ لكن لم يَطُلْ أداء المسلمين للصلاة يه، فبعد حوالي ثلاث من افتتاحه، قامت الثورة البلشفية ووقعت باكو تحت سيطرة السوفيات الذين حولوه إلى سينما ثم حظيرة مهجورة مع منع ممارسة الشعائر الدينية. ولم يستعد هذا المسجد مكانته مرةً أخرى إلا بعد الاستقلال عام 1991 إثر انهيار الاتحاد السوفياتي.
وبعد الجولات السياحية في يوم طويل وممتع، يستعد المشاركون في مؤتمر المناخ لأسبوع ثان مليء بالجلسات، من المتوقع أن تكون أشد وطأة على المفاوضين، لرفع حصيلة التمويلات التي لم تتجاوز المليارات الستة خلال الأسبوع الأول؛ لكن الطموح يزداد لتحقيق رقم يتناسب مع تطلعات الدول النامية مع العد التنازلي لأيام المؤتمر.
0 تعليق