نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بعد استهداف الرئيس للبؤر السوداء: إمبراطورية الفساد تتصدع.. تونس تتنفس, اليوم الجمعة 29 نوفمبر 2024 03:40 مساءً
نشر بوساطة فؤاد العجرودي في الشروق يوم 29 - 11 - 2024
بدأت «دولة الفساد» تنهار تحت ضغط الثبات على طريق الإصلاح الذي يهدف إلى كسر أغلال العجز وتفجير الطاقات الخامدة للشعب.
والواضح أن الدماء التي بدأت تتدفق في شرايين الدولة تمثل أهم التداعيات الإستراتيجية لبؤر الفساد التي فتحها رئيس الجمهورية واستتباعاتها القضائية التي أعادت بناء مفهوم الإلتزام بوصفه قانون الإدارة وأساس الثقة بين الدولة والمواطن بقدر ما قطعت مع مفهوم «الدولة العاجزة» الذي انبثق عن استعداء حكام العشرية السوداء لكيان الدولة.
ورغم أن الطريق لا تزال طويلة فإن المواطن بدأن يستشعر عودة الإنضباط لدواليب الإدارة التونسية التي بدأت تستعيد مفهوم التسلسل الهرمي للتعليمات الذي يحمل المسؤول واجب مكافحة كل أشكال التقصير والتسيب في المرفق الذي اؤتمن عليه بقدر ما يحمل العون العمومي واجب القيام بالمهام المحمولة عليه والذي يتقاضى مقابله راتبا يدفعه المواطن من جهده وعرقه.
والواضح في هذا الصدد أن الثبات على نهج الاصلاح ومكافحة الفساد المتفشي في شرايين الدولة قد أبرق برسالة قوية مفادها أن المسؤولية استحقاق يقتضي من المسؤول بذل كل قطرة عرق ويخضعه للمحاسبة عن التقصير بقدر ما يمنحه قيمة رفيعة في المجتمع.
كما جاءت الصور القادمة من «بئر علي بن خليفة» لتؤكد أن تونس قطعت جذريا مع مفهوم الدولة العاجزة الذي كرسته انزلاقات عشرية الخراب وكان أساس تفشي اللامبالاة والإحساس بالإحباط في المجتمع حيث أن الأيام القليلة التي استغرقها بناء مستشفى ميداني قد أعادت ترسيخ واحد من أهم الميزات التفاضلية لكيان الدولة وهو القدرة على التفاعل الإيجابي مع الرهانات مهما كان الظرف .
وبالنتيجة تتقدم تونس على الطريق الصحيح من خلال التعاطي مع جذور الفساد والإحباط بوصفها مخلفات أزمة ثقافية انبثقت عن عدم وضوح التلازم بين الجهد والرفاه وبين الجزاء والعقاب وما نجم عنه من تآكل لقيم الشرف والأمانة التي تمثل أساس المجتمع المتضامن بوصفه غاية النظام الجمهوري.
سيأتي يوم في أمد قريب تصبح فيه المواطنة نفسها استحقاق يلزم كل من يحمل الجنسية التونسية بالمشاركة الفاعلة في صون رفعة الوطن بوصفها أساس كرامة الفرد وحين تصل تونس إلى تلك المرحلة ستقطع جذريا مع مخاطر الإرتداد إلى التخلف وتتفجر الطاقات الخامدة للشباب القادر على تحويل كل شبر من تونس إلى ثروة حقيقية متى استعاد ثقته في دولته ويقينه في المستقبل.
.
0 تعليق