تنافس مرير في الشرق الأوسط بين خصوم قدماء حول مستقبل سوريا

تنافس مرير في الشرق الأوسط بين خصوم قدماء حول مستقبل سوريا

ذكرت مجلة “ذا كونفرسيشن” الأمريكية أنه في ظل التحولات الجيوسياسية المتلاحقة في الشرق الأوسط، تبرز سوريا كمحور رئيسي للتنافس بين قوتين قديمتين تسعيان للسيطرة على مستقبل البلاد. هذا التنافس يعكس تعقيدات الصراع الإقليمي والدولي في المنطقة، حيث تتداخل المصالح السياسية والاقتصادية والعسكرية.

الخلفية التاريخية
منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011، أصبحت البلاد ساحة للصراعات الإقليمية والدولية. القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا، بالإضافة إلى القوى الإقليمية مثل إيران وتركيا، تسعى لتحقيق مصالحها في سوريا. هذا التنافس أدى إلى تعقيد الوضع وزيادة معاناة الشعب السوري.

التنافس بين الولايات المتحدة وإيران
الولايات المتحدة وإيران هما الخصمان الرئيسيان في هذا التنافس. الولايات المتحدة تسعى للحد من نفوذ إيران في المنطقة، بينما تسعى إيران لتعزيز وجودها العسكري والسياسي في سوريا. هذا التنافس يتجلى في دعم كل منهما لأطراف مختلفة في الصراع السوري، حيث تدعم الولايات المتحدة قوات سوريا الديمقراطية، بينما تدعم إيران النظام السوري وحزب الله اللبناني.

الدور الروسي والتركي
روسيا وتركيا تلعبان أيضًا دورًا محوريًا في الصراع السوري. روسيا تدعم النظام السوري بشكل كبير، وقد تدخلت عسكريًا في عام 2015 لدعم الرئيس بشار الأسد. من ناحية أخرى، تركيا تدعم فصائل المعارضة السورية وتسعى لمنع إقامة كيان كردي مستقل على حدودها.

التأثيرات الإقليمية والدولية
التنافس في سوريا له تأثيرات واسعة على المنطقة بأكملها. الصراع المستمر يعزز من حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، ويؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية. بالإضافة إلى ذلك، يساهم هذا التنافس في زيادة التوترات بين القوى الكبرى، مما يزيد من احتمالات اندلاع صراعات جديدة.

السيناريوهات المحتملة
مستقبل سوريا يعتمد بشكل كبير على نتائج هذا التنافس. إذا استمرت القوى الكبرى في دعم أطراف الصراع، فقد يستمر النزاع لسنوات قادمة. من ناحية أخرى، إذا تم التوصل إلى تسوية سياسية شاملة، فقد يكون هناك أمل في إعادة بناء البلاد وتحقيق الاستقرار.

وفقًا للعديد من الخبراء في الشرق الأوسط، فإن التنافس بين الولايات المتحدة وإيران في سوريا يعكس الصراع الأكبر على النفوذ في المنطقة. 

بيتر هارنست، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد، يرى أن “الصراع في سوريا أصبح رمزا للصراع الأكبر بين القوى العظمى في المنطقة”. في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، أشار إلى أن “التدخل الروسي في سوريا جاء لدعم حليفها الأسد ولضمان بقاء نفوذها في المنطقة”.

من ناحية أخرى، تقول راشيل بومن، خبيرة الشؤون الشرق أوسطية في معهد بروكينغز، إن “التدخل التركي في سوريا يعكس مخاوفها من تنامي النفوذ الكردي على حدودها، وهو ما تعتبره تهديدًا لأمنها القومي”. وأضافت في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست أن “تركيا ستظل تلعب دورًا محوريًا في الصراع السوري طالما استمرت هذه المخاوف”.

التنافس المرير بين الخصمين القديمين في الشرق الأوسط حول مستقبل سوريا يعكس تعقيدات الصراع الإقليمي والدولي في المنطقة. في ظل هذه الظروف، يبقى مستقبل سوريا غير مؤكد، ويتطلب تحقيق السلام والاستقرار جهودًا دولية مشتركة وتعاونًا بين جميع الأطراف المعنية. بينما يستمر الصراع، تبقى الآمال معقودة على التوصل إلى تسوية سياسية تنهي معاناة الشعب السوري وتعيد بناء البلاد.

close